أصوات من القرى.. نساء مغربيات يشاركن في مسيرات سلمية للمطالبة بحقوقهن

أصوات من القرى.. نساء مغربيات يشاركن في مسيرات سلمية للمطالبة بحقوقهن
وقفة سلمية في المغرب- أرشيف

كشفت الاحتجاجات التي شهدتها قرى ومناطق مغربية خلال الأشهر الأخيرة عمق الاختلالات التنموية التي تعيشها بعض المناطق في البلاد، حيث خرج نساء ورجال في مسيرات سلمية للمطالبة بحقوق أساسية تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها جوهرية في معناها، مثل الماء الصالح للشرب، والطرق القابلة للاستعمال، والخدمات الصحية والتعليمية القريبة. 

وأعاد تكرار هذه التحركات، في أقاليم متفرقة، طرح أسئلة جوهرية حول فعالية السياسات العمومية وقدرتها على تقليص الفوارق المجالية وضمان الحد الأدنى من العيش الكريم، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم الأربعاء.

وخرج سكان دوار تاعبيث بإقليم خنيفرة، في نوفمبر الماضي، في مسيرة نحو مقر العمالة، مطالبين بإنشاء شبكة للصرف الصحي بعد سنوات من الوعود غير المنجزة. 

وعبّر المحتجون عن معاناة يومية لا تقتصر على غياب “الواد الحار”، بل تمتد إلى تدهور الطرق، وضعف الإنارة العمومية، وغياب مرافق أساسية تجعل الحياة في الدوار أشبه بتحدٍ يومي للبقاء

وفي اليوم التالي، احتج سكان حي “أغندرة” بمدينة دمنات بإقليم أزيلال، ضد الانقطاعات المتكررة للمياه، معتبرين أن المساس بحق الماء يعمق الإحساس بالإقصاء ويكرس غياب الحلول المستدامة.

مسيرات العطش والتهميش

نظم سكان بوعروس بإقليم تاونات، شمال المغرب، مسيرة احتجاجية طويلة في اتجاه مدينة فاس، للتنديد بالعطش وتردي الأوضاع المعيشية، قبل أن يتم توقيفها، ورغم ذلك، ظل صداها قوياً، إذ انحصرت مطالب السكان في توفير الماء، وتحسين الطرق، وضمان النقل والولوج إلى التعليم. 

وشارك، في سياق مشابه، سكان قرية أيت عزوز التابعة لجماعة أجلموس بإقليم خنيفرة في مسيرة نحو مقر العمالة، احتجاجاً على غياب الطريق والماء، رافعين شعارات تعكس شعوراً متراكماً بالتهميش والإقصاء.

وتواصل واحة فكيك، شرق المغرب، احتجاجاتها منذ أكثر من عامين رفضاً لخصخصة تدبير الماء، في واحدة من أطول الحركات الاحتجاجية السلمية في البلاد. 

وسجلت هذه الاحتجاجات حضوراً لافتاً للنساء، اللاتي تصدرن الصفوف الأمامية للمسيرات، ونظمن الوقفات، ودافعن عن الحق في الماء باعتباره حقاً جماعياً وحياتياً لا يقبل المساومة.

النساء من قلب المعاناة

ترى الناشطة الحقوقية ثريا تناني، عضوة جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء بإقليم خنيفرة، أن مشاركة النساء في هذه الاحتجاجات لم تكن طارئة، بل نتاج تراكم طويل من التهميش والعنف غير المرئي الذي تعانيه نساء المناطق الجبلية. 

وأكدت أن النساء خرجن إلى الشارع دفاعاً عن الكرامة، في ظل غياب بنى تحتية تثقل كاهلهن يومياً، من جلب المياه، إلى رعاية الأسرة، وصعوبة الولوج إلى التعليم والخدمات الصحية.

وأوضحت أن النساء والفتيات يقطعن مسافات طويلة للوصول إلى المدارس أو المراكز الصحية، غالباً في ظروف مناخية قاسية، ما يعرضهن لمخاطر متعددة، خاصة خلال فترات الجفاف أو عند الولادة. 

وخلصت إلى أن وعي النساء اليوم آخذ في التبلور كوعي نابع من التجربة اليومية والإحساس بالكرامة، معتبرة أن هذه الأصوات النسائية تمثل نداءً صريحاً لتحويل المطالب الاجتماعية إلى سياسات عمومية عادلة ومنصفة، تُنهي سنوات من التهميش وتعيد الاعتبار لحق العيش بكرامة داخل الوطن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية